لو استطعتم معرفة مشاعر الناس حول أوضاعهم المعيشية والاجتماعية، لوجدتم أن أكثرهم يتطلعون إلى أن يكونوا في وضعية أفضل مما هم فيه، وهذا يعود إلى ما فطر الله تعالى عليه النفوس من حب الخير والاستزادة من النعيم.
هناكـ يا أبنائي وبناتيـ من هو ليس راضيا عن القرية التي ولد فيها، وكان يتمنى لو ولد في مدينة كبرى، وهناك من يتمنى لو كان أبوه ثريا، فينشأ في أسرة مرفهة، وهناك أعداد كبيرة من البنات المتضايقات من أشكالهن وألوانهن، وهناك وهناك.. .
الرسالة التي أود أن يلتقطها أولادي هي أن الإمكانيات التي زودنا بها الخالقـ جل وعلاـ والظروف والأوضاع التي نشأنا فيها لا تتحكم في مستقبلنا على نحو كلي، فأنتم جميع تعرفون أن هناك آلاف الشباب والشابات الذين ولدوا في أحسن الظروف.
وكان يتوقع لهم أن يكونوا اليوم من خيار الناس ومن أعظمهم نجاحا وفلاحا وسعادة، ولكن شيئا من ذلك لم يحدث، فهم مخفقون في دراستهم وأعمالهم وحياتهم الخاصة، ويحيون على هامش الحياة، ولا يتمنى أحد منا لأولاده أن يكونوا مثلهم!!
وفي المقابلـ أيها الأعزاء والعزيزات!ـ هناك رجال عظماء غيروا مجرى التاريخ ونقشوا أسماءهم بأحرف من نور على صفحاته مع أنهم ولدوا في أسر لا يعرف عنها عراقة في نسب، وليس لديها وفرة في مال، ولا تسكن في أماكن مميزة.. . التاريخ والواقع يقولان لنا هذا، وعلينا أن نستخلص العبرة منه.
ورحم الله ابن الوردي حين قال:
لا تقل أصلي وفصـ لي أبــ دا. . . . إنما أصل الفتى ما قد حصل
قد يسود المرء من غير أبٍ. . . . وبِحُسنِ السَّبك قد ينفى الدَغَل
وفي تاريخنا وتاريخ العالم رجال ونساء كثر يفتخر آباؤهم وأمهاتهم بإنجابهم لهم:
وكم أبٍ علا بابنٍ ذرى شرفٍ. . . . كما علا برسولِ الله عدنانُ
ماذا يعني هذا بالنسبة إلى أبنائي وبناتي؟
إنه يعني الآتي:
1ـ احمد الله على ما وهبك وأعطاك، فهو كثير، وإن كان يبدو لك عند المقارنة مع ما لدى غيرك أنه قليل.
قليل منك يكفيني ولكن. . . . قليلك لا يقال له قليل
2ـ تقبل نفسك وأوضاعك، واشعر بالاعتزاز بما لديك، واتخذ منه نقطة انطلاق إلى الأمام.
3ـ أبعد نفسك الصغيرة المكبلة بالأوهام وبهموم الحاضر، عن طريق نفسك الكبيرة القادمة من قلب العاصفة التي تثيرها الجدية والثقة والعمل والمثابرة والطموحات العالية.
4ـ انفخ على أصغر شرارة لديك لتتحول إلى نور عظيم يضيء طريقك وطريق أهلك وزملائك.
5ـ لا ترض أبدا أن تكون ظلا لأحد، وحاول دائما أن تكون قدوة ونموذجا ينتفع بك غيرك.
ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
الكاتب: د. عبدالكريم بكار
المصدر: موقع إسلام ويب